المحمية الطبيعية عين فشخة
أحيانا، هنالك نزهات تذكرنا بمكان ما في أوروبا، أو في المغرب، أو اليونان. ليس الأمر كذلك بالنسبة للمحمية الطبيعية عين فشخة – مكان مميز جدا، لا مثيل له في أي مكان آخر في العالم! بنبدأ بأن هذا المكان هو أخفض محمية طبيعية في العالم – فهي تقع على شاطئ البحر الميت تماما، في قلب المكان الذي حصل فيه الشّق السوري الإفريقي، الذي زلزل القارات. هذه الحقيقة تجعلها أمرا لا يحصل إلا مرة واحدة، بشروط جغرافية ومناظر طبيعية استثنائية حقا. خليط صحراوي استثنائي، فيه الكثير من ينابيع المياه العذبة، إلى جانب بحر مالح، حيوانات صحراوية إلى جانب مناطق تربية للكائنات الحية، وفوق كل هذا – طيور تهاجر من فوق المحيمة تمام، في كل ربيع وخريف.
تعالوا نبدأ بالتعمق قليلا في هذا العجب الذي يسمى المحمية الطبيعية عين فشخة، أو باسمها العبري الأقل انتشارا “عين تسوكيم”.
ماذا يوجد في المحمية
مسار تجوّل دائري، يأخذكم بين عجائب المحمية – برك، وديان، حيوانات ومناظر رائعة الجمال. المسار سهل، مستوٍ، مظلل جزئيا، مما يتيح إمكانية السير بسهولة، لكل الأجيال. خلال النزهة، ستكتشفون أن محمية عين فشخة هي المكان الذي يحتوي على أكبر عدد من الينابيع في كل صحراء يهودا، مما يجعلها واحة جميلة ومثيرة وسط الصحراء.
المحمية المخفية – هذا الاسم يعد، ويفي. المحمية المخفية هي ما تتخيلونه تماما – طبيعة برّية ومعقّدة تحمل بين طياتها مفاجآت واكتشافات. سنحاول التفصيل قليلا، دون أن نكشف مفاجآت أكثر مما يجب. المحمية المخفية هي منطقة عيش للكثير من أنواع الحيوانات والنباتات، حيث أن هذه المنطقة هي الموطن الأصلي لبعضها. من أجل حماية هذه الأنواع، تقرر أن يكون التجوّل في المحمية بمرافقة مرشد فقط، وبصورة محدودة. الامتياز بالنسبة لكم – تلقي الإرشاد من مرشد محلي يعرف كل أسرار المحمية، جولة في طبيعية محمية، برّية وطبيعية بالكامل تقريبا، وأهم شيء – معرفة أن نزهتكم لا تضرّ بالطبيعة. خلال الجولة ستمرون بين برك كبيرة، وديان صغيرة، برج حراسة قديم وجميل، طرقات فيها نباتات متشابكة لدرجة أنه بالإمكان المرور بصعوبة، وطرق واسعة تتيح لكم الإطلالة بعيدا إلى جبال موآب في الأردن وجرف ههعتكيم في صحراء يهودا. ستشاهدون أسماك المياه العذبة، الزواحف، الحشرات، وإذا كان لديكم حظ، سترون الحمير أيضا. تم جلبهم للمنطقة قبل سنوات كثيرة من أجل تخفيف كثافة النباتات، فشاهدوا كل هذه الخيرات وبقوا، والآن، باتوا يعيشون في الطبيعة، ويأتون من حين لآخر ليسلّموا على المتنزهين.
إطلالة على البحر الميت – في أحد المقاطع خلال الجولة، ستصلون إلى الجهة الشرقية تماما من المحمية، والتي بإمكانكم منها الإشراف على البحر الميت، وأن تشاهدوا بأعينكم المسافة الكبيرة لتراجع البحر. لافتة حمراء صغيرة تشير إلى المكان الذي كان الشاطئ فيه عام 1968. المسافة التي انكشفت بين المكان الذي كان الشاطئ فيه سابقا، وخط البحر الحالي، مليء بالمقاطع الملحية، الطين الأسود، واشياء تم جرفها. بالإمكان – بسهولة – تخيّل كيف كان كل شيء مغمورا بالبحر في الماضي القريب. إنها فرصة رائعة وملموسة جدا، للحديث عن هذا الكنز الطبيعي وعن أهميته للإنسان وللطبيعة. هذه الإطلالة هي إحدى أقوى النقاط وأكثرها إثارة للمشاعر خلال الجولة، وليس من المفضل تفويتها.
مزرعة قديمة – المزرعة من حقبة الهيكل الثاني، وتتواجد فيها منشأة كانت – على ما يبدو – منشأة لاستخلاص عطر الأفرسمون المشهور – أغلى وأروع عطر في العصور القديمة.
خربة مازن – في خربة مازن، ستجدون برجا، حوض بناء سفن، آبار مياه ومرسى للقوارب. كان الموقع نشطا خلال فترة حكم ألكسندر يناي، ويعتقد قسم من الباحثون أن المرسى كان مرسى ملكيا، بل ربما لأجل الملك نفسه. المرسى هو شهادة على أن البحر الميت، كان يشكل في تلك الفترة شريان مواصلات بين يهودا وموآب. خلال الحفريات التي جرت عام 2002، تم العثور على الكثير من القطع النقدية. اليوم، بالإمكان مشاهدة المكان وتخيّل القوارب الفخمة التي كانت تدخل إلى المرسى بعد رحلة ناجحة في البحر الميت، لتصعد على منصة خاصة وتُغسل بالمياه العذبة، جلبة البحّارة، العبيد والخدم، ومن يعرف، ربما حتى ألكسندر يناي بنفسه. انتبهوا، حتى الآن ليست هنالك إمكانية للدخول إلى القلعة، لكن قريبا سيتم افتتاحها مجددا.
الأحواض وبركة التمر – ماذا نريد في نهاية كل رحلة؟ أن نرتاح قليلا، بركة مياه باردة للسباحة فيها، وإعطاء الأطفال وقتا يقضونه في الماء، مكان نقوم فيه برحلة “بيكنيك” لطيفة. أو بكلمات أخرى – بركة التمر (تمار).
خلال الرحلة، فهمتم إلى أي حدّ تعتبر الطبيعة في المكان حسّاسة ويحب الحفاظ عليها. لأجل إتاحة إمكانية السباحة في المكان دون المس ببرك المياه الموجودة، تم بناء عدّة أحواض وبركة أخرى كبيرة في المكان – بكرة التمر. تتلقى البرك المياه من الينابيع الطبيعية، لكن السباحة فيها لا تشكّل أي مس بالطبيعة. إلى جانبها، تم بناء مجمّع نزهات (بيكنيك) مع تظليل وطاولات للتنزه. من المهم أن تعرفوا – الأحواض تعمل طوال السنة، لكن بركة التمر مفتوحة كل يوم خلال الأشهر تموز-آب ومن منتصف آذر حتى نهاية تشرين الثاني، في نهايات الأسبوع والأعياد فقط.
الحيوانات والنباتات
محمية عين فشخة ليست كبيرة، لكنها مكان عيش طبيعي لتشكيلة كبيرة من النباتات والحيوانات. الظروف فيها مميزة لدرجة أنها تعتبر الموطن الأصلي لعدد كبير من الأنواع، أي أن هذه الكائنات تعيش هنا فقط. لذلك، ليس من الغريب أن تتحول إلى مركز للأبحاث والاستطلاعات البيئية ومكانا بالإمكان فيه تعلّم الكثير عن عالم الطبيعة.
خلال الرحلة، ستلاحظون وجود أسماك المياه العذبة في الوادي، وهو منظر نادر وعجيب في منطقة البحر الميت. هذه الأسماك هي سمكة الجرو العربية (جرو البحر الميت)، قزحية الأسنان، بلطي (مشط) الأردن والبلطي العادي. كذلك ستجدون تشكيلة واسعة من الحشرات، الخفافيش، الوبري، الظربان، وفي المساء تأتي إلى المحيمة الحيوانات المفترسة أيضا – بنات آوى، الذئاب والضباع. من المثير جدا التفكير أنه بالإمكان التجوّل داخل هذه الطبيعة البرية، في توازن عجيب بين احتياجات الإنسان والطبيعة.
الشق السوري الإفريقي هو مسار هجرة الطيور خلال الربيع والخريف، مما يجعل عين فشخة خلال هذه المواسم، محطة رائعة لمشاهدة الطيور المهاجرة، الأبحاث ودراستها. تجري سلطة الطبيعة والحدائق، خلال هذه المواسم، نشاطات خاصة بتعريف الطيور، التعلّم والإبداع عنها. إنها احتفالية مميزة بالنسبة للأطفال والبالغين محبي الطيور.
أما عشاق النباتات فسيشهقون من الخليط الرائع في المكان بين النباتات التي تحبّ الملوحة مثل أشجار الأثل والرّغل الملحي ونباتات المياه العذبة الخالصة. بين هذه وتلك، ستجدون أيضا صفصافة الفرات، أشجار النخيل (التمر)، القصب، البوط وغيرها. احتفالية نباتية لم تكن لتتحقق في أي مكان آخر في العالم.
امتياز (بونوس) للمتقدّمين
فوق عين فشخة تماما، على صخرة ملاصقة للشارع من الجهة الغربية، ستجدون إشارة غريبة – P.E.F 390. تم كتابة النص الأصلي على الصخرة عام 1900 من قبل عالم آثار اسمه ماكليستر، مندوب الصندوق البريطاني لدراسة أرض إسرائيل (فلسطين) – Palestine Exploration Fund، ومن هنا جاءت الإشارة F.E.P. أراد ماكليستر مراقبة ارتفاع سطح البحر، وفي العام 1900 وصل إلى هذه النقطة بواسطة قارب، ووضع أول إشارة – 390 مترا تحت سطح البحر. تم إجراء المراقبة على مدار 13 عاما، إلى حين نشوب الحرب العالمية الأولى، حيث عاد الباحثون إلى أوروبا. من المحزن التفكير بالمسافة الكبيرة بين المكان الذي كانوا يصلون إليه بالقارب عام 1900 وبين خط الشاطئ الحالي. عام 1968 تم شق شارع في المكان، ومن أجل عدم المس بالإشارة التاريخية، تم تعديل مسار الشارع قليلا. ليس بالإمكان التوقف في المكان، لكن خلال السفر البطيء، بإمكانكم ملاحظة الإشارة بسهولة.