المحمية الطبيعية عين جدي.
عين جدي، هو اسم تاريخي. إنه اسم بمجرد ذكره، تراود رؤوسنا ذكريات من الرحلة السنوية في الصف الخامس، شظايا معلومات حول القرية القديمة التي كانت هنا قبل ألفي عام، قصص عن داوود الذي اختبأ هنا من شاؤول، كروم عين جدي المذكورة في نشيد الأنشاد. صور غزلان وحيوانات الوبري، شلالات مرتفعة ووفرة غير طبيعية في المياه، في قلب الصحراء.
وفعلا، فإن المحمية الطبيعية عين جدي، هي كل هذه الأمور – وأكثر. إنها تحتوي على عدد من أجمل الأماكن في البلاد، بقايا أثرية مثيرة للمشاعر، نباتات مميزة، تشكيلة من الحيوانات والقصص المثيرة. ليس مفاجئا أن تكون أحد أكثر أماكن التنزه التي يحبها الإسرائيليون والسيّاح على السواء.
ماذا تتضمن المحمية الطبيعية عين جدي
تتألف المحمية من عدّة أجزاء: وادي داوود، وادي عروجوت، الكنيس القديم، تل جورن و 5 درجات تصعد إلى هضبة الصحراء.
وادي داوود – فلنبدأ بأكثرها شعبية – الوادي الذي حصل على اسمه من الملك داوود. بالمناسبة، العائلة الملكية تتواجد حوله – من جهة، جبل يشاي، والد داوود، ومن الجهة الثانية جبل تسرويا، على اسم أخت داوود. حظي الوادي بشعبيته بفضل دمجه بين الجمال الساحر والجولة المريحة والمتاحة. قليلة هي الأماكن الصحراوية التي تحظون فيها، خلال جولة سير قصيرة ومريحة، بالوصول إلى قلب الطبيعة البرية. حبا الله وادي داوود بكثرة المياه، الشلالات المرتفعة التي تتدفق من قلب الأرض وتدفق المياه الباردة، منذ ست مئة عام من بين أحجار الصحراء، مباشرة للمتنزهين الظمآنين لبعض البرودة. تنتقل الجولة في وادي داوود بين مناظر طبيعية صحراوية كاملة البهاء، وبين زوايا باردة ذات جدران صخرية تغطيها النباتات الخضراء المعروفة باسم “كزبرة البئر/ شعر شولميت” (على اسم “شولميت”، الشخصية النسائية في نشيد الانشاد).
من المهم أن تعرفوا! بالإمكان التنزّه في الجزء السفلي من الوادي فقط، أو التسلق إلى القسم العلوي أيضا، بحسب الوقت ومستوى الصعوبة الذي يناسبكم. الجزء السفلي من الوادي مُتاح، وبالإمكان التنزه به بسهولة بواسطة كرسي عجلات أو عربة أطفال. القسم العلوي مخصص للمختصين ويتضمن الكثير من المشي، بعضه تحت الشمس.
تتواجد في وادي داوود عدّة زوايا طبيعية مميزة، تستحق التعرف عليها خلال زيارتكم القادمة إلى المنطقة: نبع عين جدي، الذي تتواجد بجانبه طاحونة قمح قديمة. مغارة دوديم الجميلة، والتي بعد أن تنزلوا إليها، ستصلون إلى فقاعة ساحرة ومنعزلة. المعبد النحاسي – بقايا معبد يبلغ عمره نحو 5,000 عام. جب النافذة – كبسولة من الحجر مع بركة صغيرة ونافذة تطل مباشرة على زرقة البحر الميت. فقط انتبهوا، أن البركة موسمية – فهي تمتلئ بعد أول فيضان، وتجف خلال فصل الصيف.
وادي عروجوت – هو أحد أكبر الوديان في صحراء يهودا، الذي يتدفق طوال السنة، ويقطع الصحراء من جرف ههعتكيم منتجا شلالات وينابيع رائعة الجمال. يدمج السير في الوادي بين المقاطع الجافة والمقاطع المنعشة التي تتضمن السير في النهر داخل المياه الباردة. الوادي مليء بالبرك الصغيرة، التي تتيح إمكانية الاستراحة والسباحة. إذا نجحتم بالوصول إلى المقطع المسمى “البركة العليا”، تذكروا أن تشاهدوا أحد أجمل الأجزاء في الوادي – برك كبيرة، هادئة، تقبع بين صخور بيضاء ضخمة. على امتداد الطريق، من الوارد جدا أن تصادفوا حيوانات الوبري والوعول. إذا رفعتم عيونكم ستلاحظون الطيور الجارحة والعصافير، وبنظرة ثاقبة إلى الماء ستصادفون السرطانات وأنواع مختلفة من الكائنات المائية الصغيرة.
الكنيس العتيق – في عين جدي، كانت هنالك في الماضي بلدة كبيرة، اعتاش سكانها بالأساس من الزراعة وتربية نبتة الأفرسمون الغامضة. تتواجد آثار هذه البلدة، وفي وسطها الكنيس، في منتصف الطريق بين وادي داوود ووادي عروجوت. أهم الآثار وأكثرها إثارة في الكنيس هو أرضية الفسيفساء التي تتضمن بعض الكتابات الهامة. إحدى هذه الكتابات هي اللعنة التي ستحلّ على من يكشف “سرّ القرية” – ويبدو أن الحديث عن سر تربية الأفرسمون. الثانية هي قائمة الأجيال من آدم وحتى ييفت، وقائمة الأبراج.
تل جورن – يتواجد التل بالقرب من الكنيس العتيق، وبالإمكان التسلق منه إلى نبع عين جدي، لكن قبل أن تبدأوا بالتسلق، توقفوا إلى جانب النصب التذكاري الموجود هناك، المخصص لذكرى الشبان الذين قتلوا في إحدى أسوأ الكوارث التراجيدية. عام 1942 خرج منتسبو “هشومير هتسعير” لرحلة في البحر الميت. في إحدى الليالي ناموا في وادي جورن حول الموقد، إلى أن اشتعلت النيران قبيل الفجر بإحدى الفرشات وأحرقت قنابل يدوية كانت مخبأة داخلها. قتل بالانفجار 7 أعضاء ومرشد، وأصيب 14 عضوا. بعد ذلك بنحو سنة، تم وضع حجر في المكان، كتبت عليه كلمات ناتان يوناتان – “أيها العابر من هنا، توقّف! هنا سقطوا في صعود الحرس الشاب إلى متسادا في فصح 1942. لقد شقوا طريقا، ولم تتوقف الرحلة عن التقدم”. عام 1972 تم وضع نصب تذكاري في المكان على شكل مقعد مستدير، كرمز للجلوس حول الموقد.
مرتقيات عين جدي – 5 طرق تؤدي من الوديان إلى الهضبة: مرتقى يشاي، مرتفي عين جدي، مرتقى بني هموشافيم، مرتقي الأسينيين ومرتقى تسوريا. إنها طرق منحدرة وصعبة مخصصة للخبراء وممنوع السير فيها خلال أيام الحرّ الشديد.
الحيوانات والنباتات في عين جدي
يكمن جزء كبير من سحر عين جدي في النباتات والحيوانات المميزة التي جعلت من عين جدي بيتا لها. سيلتقي المتنزهون في المحمية بسهولة بالوعل النوبي. في الماضي، كان هذا الوعل معرضا لخطر الانقراض، لكن بعد جهود الحماية الكثيرة، يتواجد اليوم في عين جدي أكبر قطيع في البلاد، وهم يتجولون في طرقات المحمية دون خوف من بني البشر. من المهم أن تعرفوا – ممنوع الاقتراب من الوعول، وطبعا ممنوع إطعامهم. يخلق التقارب بين الحيوانات البرية وبني الإنسان نوعات من الارتباط، والذي يمس في نهاية المطاف بتصرفات الحيوانات الطبيعية، بل إنه يؤدي في بعض الأحيان إلى إصابتها. أحد الحيوانات الأخرى اللطيفة الذي من السهل مشاهدته في المحمية هو حيوان الوبري، الذي يقفز بين الصخور. من بين الثديات الموجودة في المحمية، تتواجد الذئاب، بنات آوى، الثعالب وحتى قبل فترة كانت هنالك نمور. في قسم الزواحف ستجدون هنا أنواعا مختلفة من العقارب والأفاعي، وفي المياه ستكتشفون السرطانات، الحلزون وضفدع الوديان وغيرها. بعض هذه الحيوانات هي أصلية، أي أنه بالإمكان إيجادها في عين جدي فقط. أشهرها هو الزرزور الأسود – الذي يحمل اسم الباحث هنري تريسترم، الذي اكتشفه خلال القرن الـ 19.
أحد الكائنات الحية التي ستصادفونها بشكل مؤكد خلال جولتهكم هو اليعسوب – للوهلة الأولى كائن طائر بسيط، لكن نظرة عميقة إليه ستكشف عن نعومة وجمال هشّين. أجرى أحد موظفي المحمية مؤخرا بحثا على اليعسوب في البلاد، وفي أعقاب هذا البحث، حصلت الأكاديميا على 65 اسما جديدا ليعاسيب مختلفة (ما يثير العجب هو أن الأسماء كانت حتى اليوم “اليعسوب الأحمر”، “اليعسوب الأزرق” وما شابه). في محمية عين جدي، هنالك أكثر من 30 نوعا مختلفا لليعسوب. أنتم مدعوون لمحاولة اكتشافها.
كذلك الأمر بالنسبة للنباتات في المحمية، التي تعتبر مميزة هي أيضا. من جهة، نباتات صحراوية نمطية مثل البان الزيتي والطلح، ومن الجهة الأخرى نباتات تحتاج لمياه وفيرة، مثل كزبرة البئر، السراخس المختلفة وغيرها.
